الأحد، 24 مايو 2015

الموؤودة بين وحي الله ووحي الشيطان

قال الله وقال الشيطان

كتب : محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني , تبيين الحق ) :

الموؤودة بين وحي الله ووحي الشيطان

قال الله تعالى : " وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) " ( التكوير ) .

وقال الله تعالى : " مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا " ( الإسراء : 15 )  .

وقال الله تعالى : " قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " [الأنعام : 164]

وقال الله تعالى : " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ " [فاطر : 18]

وقال الله تعالى : " إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ " [الزمر : 7]

وقال الله تعالى : " أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) " ( النجم ) .

فهذا ما قاله الله تعالى , ولنأت الآن إلى وساوس شياطين الإنس والجن .

قال الشيطان : ( الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ ) . ( التاريخ الكبير للبخاري , سنن أبي دواد , صحيح ابن حبان , البحر الزخار بمسند البزار , المسند للشاشي , المعجم الكبير للطبراني , معجم ابن المقرئ , الإبانة الكبرى لابن بطة , القضاء والقدر للبيهقي , طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها ) .

وفي رواية : (: " الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلَامَ، فَيَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهَا ) . ( مسند أحمد بن حنبل , السنن الكبى للنسائي , المعجم الكبير للطبراني , الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم , معرفة الصحابة لأبي نعيم , تهذيب الكمال للمزي ) .

وفي رواية : ( إِنَّ الْوَائِدَةَ وَالْمَوْؤُدَةَ فِي النَّارِ، إِلا أَنْ يُدْرِكَ الْوَائِدَةَ الإِسْلامُ، فَيُغْفَرَ لَهَا ) . ( تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ) .

وفي رواية : ( أَرَأَيْتُمُ الْوَائِدَةَ وَالْمَئُودَةَ، فَإِنَّهُمَا فِي النَّارِ، إِلا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الإِسْلامَ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهَا ) . ( التمهيد لابن عبد البر ) .

وفي رواية : ( لا يَنْفَعُ الإِسْلامُ إِلا مَنْ أَدْرَكَهُ، إِنَّهَا وَمَا وَأَدَتْ فِي النَّارِ ) ، قَالَ: فَرَأَى ذَلِكَ قَدْ شَقَّ عَلَيَّ، فَقَالَ: ( وَأُمُّ مُحَمَّدٍ مَعَهَا، مَا فِيهِمَا مِنْ خَيْرٍ  ) . ( مسند أبي داود الطيالسي , معجم الصحابة لابن قانع , القضاء والقدر للبيهقي , مشكل الآثار للطحاوي , ) .

وفي رواية : ( الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ ".فَلَمَّا رَأَى مَشَقَّةَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا قَالَ: " وَأُمِّي مَعَ أُمِّكُمَا ) . ( أمالي ابن بشران , طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها ) .

وفي رواية : ( الوائدة والموؤدة في النار، إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فتسلم، فلما رأى ما دخل علينا، قال: وأمي مع أمكما ) . ( معرفة الصحابة لمحمد بن إسحاق بن منده ) .

والمصيبة أن شيوخ الفرق الضالة قد صححوا أقوال الشيطان ولما وجدوا التعارض بينها وبين كلام الله تعالى أخذوا يؤولون ويوفقون ويلفقون فما ازدادوا إلا حمقاً , فقالوا: أن هذا الأثر خاص بوائدة معينة وموؤدة معينة وليس عاماً , والسؤال : ما ذنب الموؤودة ؟

فقال المحرفون : إنها كانت ستكفر عندما تكبر .

والسؤال : ما دليلكم ؟

هل اطلعتم على الغيب ؟

وعلى فرض صحة كلامكم فهل يعذب الله تعالى من كان سيكفر ولكنه لم يكفر ؟

ألا يعارض هذا الزعم الآيات السابقة ؟

هل توجد أسانيد صحيحة لتلك الافتراءات التي رواها أئمة التحريف الأثريون في كنبهم وافتروا بها على الله وكذبوا بها على النبي صلى الله عليه وسلم ؟

ألا تعلمون أن الشعبي يرسل , لذا لا بد من ثبوت تصريحه بالسماع ؟

ألا تعلمون أن داود بن أبي هند فيه كلام ؟

قال علماء الجرح والتعديل في داود بن أبي هند : كثير الاضطراب والخلاف , خولف في غير حديث , كان يهم إذا حدث من حفظه , كان يهم بأخرة .

ألا تعلمون أن أبا حاتم الرازي قال في محمد بن إبراهيم : لا يحتج به ؟

ألا تعلمون أن أبا إسحاق السبيعي كان مدلساً وقد اختلط ؟

ألا تعلمون أن زكريا بن أبي زائدة الوادعي كان مدلساً , ويدلس كثيرا عن الشعبي , وسماعه من أبي إسحاق بأخرة ؟

ولو أخذنا بالرأي الأول في المدلس لرددنا ا رواياته حتى التي صرح فيها بالسماع , ولو أخذنا بالرأي الثاني , لاشترطنا صحة التصريح بالسماع , وليس التصريح بالسماع , لأن الرواة يخطئون .

ألا تعلمون أن أبا جعفر العقيلي قد ذكر يحيى بن زكريا الهمداني في الضعفاء ؟ ألا تعلمون أن أبا زرعة الرازي قال فيه : قلما يخطئ ، فإذا أخطأ أتي بالعظائم ؟

ألا تعلمون أن إسرائيل بن يونس السبيعي فيه كلام ؟ فلقد ضعفه أبو جعفر العقيلي وعلي بن المديني وابن حزم , وكان يحيى بن سعيد القطان لا يعبأ به , وقال فيه يعقوب بن شبية السدوسي : صالح الحديث ، وفي حديثه لين ، وقال أيضاً : ثقة صدوق ، وليس بالقوي في الحديث ، ولا بالساقط .

ألا تعلمون أن عبيد الله بن موسى صاحب تخليط وهو شيعي محترق , وقال فيه يعقوب بن سفيان الفسوي : منكر الحديث .

ألا تعلمون أن معتمراً بن سليمان التيمي سيئ الحفظ ويخطئ إذا حدث من حفظه ؟

ألا تعلمون أن محمداً بن المثنى العنزي فيه كلام ؟ فقد قال فيه صالح بن محمد جزرة : ( صدوق اللهجة ، وكان في عقله شيء ، وكنت أقدمه على بندار ) , وقال عمرو بن علي الفلاس : ( ثقة ، يقبل منه كل شيء إلا ما تكلم فيه في بندار ) .

ألا تعلمون أن ابن جرير الطبري متهم وفيه كلام ؟

ألا تعلمون أن حبيب بن الحسن البغدادي ضعيف وقيل مستور ؟

وليعلم كل محقق أن كل الرواة يدلسون ويرسلون لذا لا بد من اشتراط ثبوت تلقي عين الأثر أو صحة التصريح بالسماع .

والخلاصة : ثلاثة سبل أمام كل إنسان :

السبيل الأول :  الإيمان بوحي الله والكفر بالجبت والطاغوت , وهذا سبيل من يتبين قبل الإيمان .

السبيل الثاني : الإيمان بوحي الشيطان والكفر بالله .

السبيل الثالث : الإيمان بوحي الله ووحي الشيطان , رغم أنهما متعارضين , ثم محاولة التوفيق والتلفيق بين هذين المتعارضين المتناقضين , وهذا سبيل شيوخ الفرق الضالة والمقلدين من بعدهم .

وعلى كل عاقل أن يختار السبيل الذي سيسلكه ويرضي ربه .

قال تعالى : " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [الأنعام : 153]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله